وحديث البخاري ومسلم عن أبي هريرة «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
وحديث البخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى «لقد أعطيت هذا مزمارا من مزامير آل داود» يعني أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، فقال أبو موسى: لو كنت أعلم أنك تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرا.
وروى البغوي عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذّوه (لا تسرعوا به) هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة. وروى العسكري في كتابه المواعظ عن علي كرم الله وجهه مثل هذه العبارة. وسئلت عائشة عن قراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: لا كسردكم هذا، لو أراد السامع أن يعدّ حروفه لعدّها (١).
ثم نبّه الله تعالى إلى عظمة القرآن وما جاء فيه من تكاليف لتأكيد الأمر بالترتيل، فقال:
{إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} أي إننا سنوحي إليك القرآن وسننزله عليك، وفيه التكاليف الشاقة على البشر، والأوامر والنواهي الصعبة على النفس، من الفرائض والحدود، والحلال والحرام، وهو قول ثقيل يثقل العمل بشرائعه. قال ابن زيد: هو والله ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا يثقل في الميزان يوم القيامة. وقال الحسين بن الفضل: ثقيلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق، ونفس مزيّنة بالتوحيد. وقد يراد أنه ثقيل في الوحي،
ففي الموطأ والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عائشة أنه صلّى الله عليه وسلّم سئل: كيف يأتيك الوحي؟ فقال:«أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصّد عرقا.