في بطن أمه، لا مال له ولا ولد، أو دعني وحدي معه، فإني أكفيك في الانتقام منه.
وأجمع المفسرون على أن المراد به هنا الوليد بن المغيرة.
وهذا توعد وتهديد لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا، فكفر بأنعم الله، وبدلها كفرا، وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها، وجعلها من قول البشر. ثم عدد الله تعالى تلك النعم، فقال:
{وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} أي وجعلت له مالا واسعا كثيرا، وقد كان الوليد مشهورا بكثرة المال، من الزروع والمواشي والتجارات في مكة وما بينها وبين الطائف. وجعلت له أيضا بنين حضورا معه بمكة، لا يفارقونها ولا يسافرون بالتجارات في البلاد لطلب الرزق، لكثرة مال أبيهم. قيل: كان له عشرة بنين أو ثلاثة عشر ولدا كلهم من الرجال فكان يسمى ريحانة قريش، والوحيد، لأنه وحيد متميز في قومه بالرياسة والجاه.
وكذلك بسطت له في العيش وطول العمر والرياسة في قريش، ومكّنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك.
ومع كل هذا يطمع في زيادة المال والولد وغير ذلك، مما يدعو إلى التعجب. وقوله:{ثُمَّ} هنا معناه التعجب، كقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام ١/ ٦] فمعنى {ثُمَّ} هنا للإنكار والتعجب.
وهذا إنكار عليه لشدة حرصه على الدنيا، فرد الله تعالى عليه بقوله:
{كَلاّ، إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً} أي لا أزيده، فإنه كان لآيات القرآن معاندا لها، كافرا بما أنزلناه منها على رسولنا، بعد العلم بصدقها.