للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقرآن، ثم قطّب وجهه لما لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وكلح وجهه وتغير وأظهر الكراهة، ثم أعرض عن الإيمان، وانصرف عن الحق، وتكبر عن الانقياد للقرآن، فقال: ما هذا إلا سحر ينقل ويحكى، نقله محمّد عن غيره ممن قبله، وحكاه ورواه عنهم، فليس بكلام الله، بل هو كلام البشر أو الإنس.

وهذا دليل على أنه كان مناقضا فيما اختلقه لقناعته الذاتية، فقد كان بقلبه مصدقا للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكنه أنكره عنادا.

روى العوفي عن ابن عباس قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة، فسأله عن القرآن، فلما أخبره، خرج على قريش، فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة، فوالله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش، ائتمروا، وقالوا:

والله لئن صبأ الوليد، لتصبو قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام، قال:

أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق، حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد: ألم تر إلى قومك، قد جمعوا لك الصدقة؟ فقال: ألست أكثرهم مالا وولدا؟ فقال له أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه فقال الوليد: أقد تحدّث به عشيرتي!! فلا، والله لا أقرب ابن أبي قحافة، ولا عمر، ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر، فأنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم:

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} -إلى قوله- {لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ}.

ومما يدل على أن كفره كفر عناد: ما ذكر سابقا أن الوليد مرّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يقرأ: حم السجدة، فرجع وقال لبني مخزوم:

والله لقد سمعت آنفا من محمد كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة. وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>