للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ، فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ، لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام ٧/ ٦].

ثم أبان الله تعالى سبب تعنتهم، فقال:

{كَلاّ، بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ} أي زجر لهم وردع على اقتراحهم إنزال تلك الصحف المفتوحة المبسوطة، فلا يؤتونها، وهم في الحقيقة منكرون البعث والحساب؛ لأنهم لو خافوا النار لما اقترحوا الآيات.

وكفاهم القرآن، كما قال تعالى:

{كَلاّ، إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ} أي حقا إن القرآن تذكرة، ويكفيهم القرآن، فإنه خير تذكرة وموعظة، فمن أراد أن يذكره ويتعظ‍ به ولا يهمله، اتعظ‍، فهو موعظة بليغة، وتذكر شاف.

ثم بيّن السبب الأصلي في عدم التذكرة، وذكر ما ينبئ عن كمال الهيبة، وهو صفة القهر الذي بسببه يجب أن يتقى، وصفة اللطف الذي به يجب أن يرجى:

{وَما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ، هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} أي لا يقع شيء في هذا الكون قهرا عن الله، فما يذكرون القرآن ويتعظون به إلا بمشيئة الله، الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه والعمل بطاعاته، والحقيق بأن يغفر للمؤمنين ما فرط‍ منهم من الذنوب، والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة، فيغفر ذنوبهم.

روى أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم فسر هذه الآية، فقال: «يقول لكم ربكم جلّت قدرته وعظمته:

أنا أهل أن أتّقى، فلا يجعل معي إله غيري، ومن اتّقى أن يجعل معي إلها غيري، فأنا أغفر له» أو «كان أهلا أن أغفر له».

<<  <  ج: ص:  >  >>