وتنبهوا إذا بلغت الروح أو النفس أعالي الصدر، كناية عن الاحتضار وأهواله والموت؛ وقال من حضر المحتضر: هل من يرقيه ويشفيه، وهل من طبيب شاف؟ ولكن لن يغنوا عنه من قضاء الله شيئا؛ وأيقن الذي بلغت روحه التراقي أنها ساعة الفراق من الدنيا ومن الأهل والمال والولد.
وعبر عن اليقين بالظن؛ لأن الروح ما دامت في البدن، يطمع صاحبها في الحياة، فلا يحصل له يقين الموت، بل الظن الغالب مع رجاء الحياة، كما ذكر الرازي.
والآية دالة على أن الروح جوهر قائم بنفسه، باق بعد موت البدن؛ لأنه تعالى سمى الموت فراقا، وهو يدل على أن الروح باقية؛ فإن الفرق والوصال صفة، والصفة تستدعي وجود الموصوف (١).
{وَالْتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ} أي التوت ساقه على ساقه عند نزول الموت به، فلا يقدر على تحريكها، فماتت رجلاه، ويبست ساقاه ولم تحملاه، وقد كان جوّالا عليهما، واجتمع عليه أمران: الناس يجهّزون جسده، والملائكة يجهزون روحه.
ويصح أن يكون ذلك كناية عن الشدة، كما في قوله تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}[القلم ٤٢/ ٦٨] والمراد: اتصلت شدة فراق الدنيا، وترك الأهل والولد والجاه وشماتة الأعداء وحزن الأولياء وغير ذلك، بشدة الإقبال على أحوال الآخرة وأهوالها.
{إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ} أي تساق الأرواح بعد قبضها من الأجساد إلى خالقها، ويكون المرجع والمآب إلى حكم ربك، فتصير إما إلى جنة وإما إلى نار.