والخلاصة: إن قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} نصّ على أن الله تعالى لا يكلّف أحدا ما لا يقدر عليه ولا يطيقه، ولو كلّف أحدا ما لا يقدر عليه ولا يستطيعه، لكان مكلّفا له ما ليس في وسعه. وهذا أصل عظيم في الدّين وركن من أركان الإسلام.
هذا من حيث الواقع الفعلي، أما من حيث الجواز العقلي، فلم يمنع الأشاعرة من تكليف ما لا يطاق، فهو جائز عقلا وإن لم يقع شرعا.
٤ - المسؤولية الشخصية:{لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة ٢٨٦/ ٢]: للإنسان ما كسب من الحسنات، وعليه ما اكتسب من السّيئات، مثل قوله:{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}[الأنعام ١٦٤/ ٦]، {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها}[الأنعام ١٦٤/ ٦].
روى ابن مردويه عن ابن عباس قال:«كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي، ضحك، وقال: إنهما من كنز الرحمن تحت العرش»، وإذا قرأ:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}[النساء ١٢٣/ ٤]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى}[النجم ٣٩/ ٥٣ - ٤١] استرجع واستكان.
٥ - ودلّت آية {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} على أنه يطلق على أفعال العباد الكسب والاكتساب، وعلى أن من قتل غيره بمثقّل كحجر وخشب، أو بخنق أو تغريق، فعليه ضمانه قصاصا أو دية، خلافا لأبي حنيفة الذي جعل ديته على العاقلة (القبيلة) وذلك يخالف الظاهر. ودلّت على أن سقوط القصاص عن الأب بقتل ولده لا يقتضي سقوطه عن شريكه، فالقود واجب على