للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأولين والآخرين، ينالون فيه ما وعدوا به من الثواب والعقاب. وسمي يوم الفصل؛ لأن الله تعالى يفصل فيه بحكمه بين خلقه.

ثم ذكر الله تعالى علامات ثلاثا لهذا اليوم، فقال:

١ - {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَتَأْتُونَ أَفْواجاً} أي إن يوم الفصل هو اليوم الذي ينفخ فيه إسرافيل بالبوق أو القرن، فتأتون أيها الخلائق من قبوركم إلى موضع العرض زمرا زمرا، وجماعات جماعات، تأتي فيه كل أمة مع رسولها، كما قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} [الإسراء ٧١/ ١٧].

٢ - {وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً} أي وتصدعت السماء وشقت، فصارت ذات أبواب كثيرة وطرقا ومسالك لنزول الملائكة، ونظير الآية كثير، مثل: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق ١/ ٨٤]. {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار ١/ ٨٢]. {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ، وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} [الفرقان ٢٥/ ٢٥]. وهذا يعني تبدل نظام الكون، وذهاب التماسك بين أجزائه.

٣ - {وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً} أي وأزيلت الجبال عن أماكنها، وبددت في الهواء، فكانت هباء منبثا، يظن الناظر أنها سراب، وتبدأ أولا بالدكّ كما قال تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ، فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً} [الحاقة ١٤/ ٦٩] ثم تصير كالعهن أو الصوف المنفوش كما قال: {وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة ٥/ ١٠١] ثم تتقطع وتتبدد وتصير كالهباء، كما قال:

{إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا، وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا} [الواقعة ٤/ ٥٦ - ٦] ثم تنسف عن الأرض بالرياح، كما جاء في قوله تعالى:

{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ: يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً} [طه ١٠٥/ ٢٠] وقوله:

{وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً، وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ} [النمل ٨٨/ ٢٧] (١).


(١) تفسير الرازي: ١١/ ٣١ - ١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>