للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً، وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً} أي إنهم اقترفوا الأعمال السيئة والقبائح المنكرة؛ لأنهم لا يطمعون في ثواب، ولا يخافون من حساب؛ لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث. فقوله: {إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً} أي لا يخافون أو لا يتوقعون حسابا: علة التأبيد في العذاب.

وكذبوا بالآيات القرآنية وبالبراهين الدالة على التوحيد والنبوة والمعاد تكذيبا شديدا. وهذا إشارة إلى فساد عقائدهم، حتى جحدوا الحق وكذبوا الرسل. ثم أخبر الله تعالى عن إحصاء جميع أعمالهم بقوله:

{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً} أي إننا علمنا جميع أعمال العباد، وكتبناها عليهم، وكتبها الحفظة كتابة تامة شاملة، وسنجزيهم على ذلك، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وقوله {كِتاباً} مصدر في موضع إحصاء، أو أن «أحصينا» في معنى كتبنا، لالتقاء الإحصاء والكتابة في معنى الضبط‍ والتحصيل (١).

ثم ذكر ما يقال لهم في التعذيب تقريعا وتوبيخا لهم:

{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً} أي يقال لأهل النار لكفرهم، وتكذيبهم بالآيات، وقبح أفعالهم: ذوقوا ما أنتم فيه من العذاب الأليم، فلن نزيدكم إلا عذابا من جنسه. قال عبد الله بن عمرو: لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه الآية: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً} فهم في مزيد من العذاب أبدا.


(١) قال أبو حيان في البحر المحيط‍ (٤١٥/ ٨): وَكُلَّ شَيْءٍ: عام مخصوص أي كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب، من جملة اعتراض معترضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>