والجزاء، حيث لا يحملكم الخوف من هذا اليوم على التزام طاعة الله واجتناب معاصيه.
ثم زاد في التحذير من العناد والتكذيب بالإخبار أن جميع الأعمال مرصودة على الناس بالملائكة، فقال:
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ} أي إن عليكم لملائكة حفظة كراما، فلا تقابلوهم بالقبائح، فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم، ويعلمون جميع ما تفعلون، كما قال تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق ١٧/ ٥٠ - ١٨].
وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد مرسلا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين: الجنابة والغائط.
فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائط، أو ببعيره، أو ليستره أخوه».
ورواه الحافظ أبو بكر البزار، فوصله بلفظ آخر، وأسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله ينهاكم عن التعري، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم، الكرام الكاتبين، الذين لا يفارقونكم إلا عند ثلاث حالات: الغائط، والجنابة، والغسل، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء، فليستتر بثوبه أو بجرم حائط، أو ببعيره».
لذا كره العلماء الكلام عند الغائط والجماع، لمفارقة الملك العبد عند ذلك.
ثم ذكر الله تعالى تصنيف الناس العاملين يوم القيامة فريقين نتيجة كتابة الحفظة لأعمال العباد، فقال:
{إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ، يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ} أي {إِنَّ الْأَبْرارَ}: وهم الذين أطاعوا الله عزّ وجلّ، ولم يقابلوه بالمعاصي يصيرون إلى دار النعيم وهي الجنة، {وَإِنَّ الْفُجّارَ}: وهم الذين كفروا بالله وبرسله، وقابلوا ربّهم بالمعاصي، يصيرون إلى دار الجحيم، وهي النار المحرقة،