سئل سفيان الثوري: كيف تعلم الملائكة أن العبد قد همّ بحسنة أو سيئة؟ قال: إذا همّ العبد بحسنة، وجدوا منه ريح المسك، وإذا همّ بسيئة وجدوا منه ريح النّتن.
٤ - وصف الله تعالى الملائكة الحفظة بصفات أربع: هي كونهم حافظين، وكونهم كراما، وكونهم كاتبين، وكونهم يعلمون ما تفعلون. ووصف الله إياهم بهذه الصفات يدل على أنه تعالى أثنى عليهم وعظم شأنهم، وفي تعظيمهم تعظيم لأمر الجزاء، وأنه عند الله تعالى من جلائل الأمور، ولولا ذلك لما وكلوا بضبط ما يحاسب عليه كل إنسان. قال بعض العلماء: من لم يزجره من المعاصي مراقبة الله إياه، كيف يرده عنها كتابة الكرام الكاتبين.
٥ - أحوال العاملين ومصيرهم يوم القيامة: إن الأبرار يكونون في جنات النعيم، وإن الفجار يكونون في نيران الجحيم، يدخلونها ويقاسون لهابها وحرها يوم الجزاء والحساب، ويلازمونها إلى أبد الآبدين، فلا يغيبون عنها. وليس صاحب المعصية الكبيرة فاجرا، وإنما الكفار هم الفجرة لا غيرهم كما تقدم، وليس صاحب الكبيرة بفاجر على الإطلاق، لقوله تعالى:{أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}[عبس ٤٢/ ٨٠].
وفي هذا تهديد عظيم للعصاة، حكي أن سليمان بن عبد الملك مرّ بالمدينة، وهو يريد مكة، فقال لأبي حازم: كيف القدوم على الله غدا؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم من سفره على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه، قال: فبكى، ثم قال: ليت شعري ما لنا عند الله! فقال أبو حازم:
اعرض عملك على كتاب الله، قال: في أي مكان من كتاب الله؟ قال:{إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ} قال سليمان: فأين إذن هي رحمة الله؟ فأجابه بقوله:{إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(١)[الأعراف ٥٦/ ٧].