للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثها-يسقون من رحيق مختوم، أي يسقون من شراب لا غشّ فيه، والرحيق: صفوة الخمر، وخمر الجنة غير مسكرة، كما قال تعالى: {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} [الصافات ٤٧/ ٣٧]. وقال عز وجل: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ} [الواقعة ١٩/ ٥٦].

وهذا النوع من الخمر يختلف عن النوع الآخر الذي يجري في الأنهار، المشار إليه في قوله تعالى: {وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ} [محمد ١٥/ ٤٧] لكن هذا المختوم أشرف وأفضل من الجاري.

وللرحيق صفات أربع هي:

الأولى-أنه شراب مختوم قد ختم عليه تكريما له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان.

الثانية-ختامه مسك، أي عاقبته المسك، بمعنى أن يختم له آخره بريح المسك. قال الفراء: الختام آخر كل شيء.

الثالثة-أنه محل التنافس والتنازع لرفعته وطيبه، والمراد: فليرغب الراغبون به إلى المبادرة إلى طاعة الله عز وجل.

الرابعة-ومزاجه من تسنيم، أي مزاج ذلك الرحيق الذي يخلط‍ به من تسنيم، وهو شراب ينصب عليهم من علوّ، وهو أشرف شراب في الجنة. وأصل التسنيم في اللغة: الارتفاع، فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل، ومنه سنام البعير لعلوّه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: تسنيم: عين في الجنة يشرب بها المقرّبون صرفا، ويمزج منها كأس أصحاب اليمين، فتطيب.

وقال ابن عباس كما تقدم في قوله عز وجل: {وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}: هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>