للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفريق الثاني-الكافرون: {وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً، وَيَصْلى سَعِيراً} أي وأما من أعطي كتاب أعماله بشماله من وراء ظهره؛ حيث تثنى يده خلفه، ويعطى كتابه بها، وتكون يمينه مغلولة إلى عنقه، فإذا قرأ كتابه، نادى يا ثبوراه، أي بالهلاك والخسار، ثم يدخل جهنم، ويصلى حرّ نارها وشدتها.

ونظير الآية قوله: {وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ، فَيَقُولُ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ، يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ، ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ} [الحاقة ٢٥/ ٦٩ - ٢٩].

ثم ذكر الله تعالى سببين لعذابه فقال:

١ - {إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً} أي إنه كان في الدنيا فرحا لا يفكر في العواقب، ولا يخاف مما أمامه، وإنما يتبع هواه، ويركب شهواته، بطرا أشرا لعدم خطور الآخرة بباله، فأعقبه ذلك الفرح اليسير حزنا طويلا.

٢ - {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} أي إن سبب ذلك السرور والبطر ظنه بأنه لا يرجع إلى الله، ولا يبعث للحساب والعقاب، ولا يعاد بعد الموت.

ثم رد الله عليه ظنه قائلا:

{بَلى، إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً} أي بلى إنه سيحور ويرجع إلى ربه، وسيعيده الله كما بدأه، ويجازيه على أعماله خيرها وشرها، فإن الله ربه كان به وبأعماله عالما خبيرا، لا يخفى عليه منها شيء أو خافية.

وفي هذا إشارة إلى أنه لا بد من دار للجزاء غير دار التكليف؛ لأن ذلك مقتضى العلم التام والقدرة والحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>