مائة وستون ملكا يذبّون عنه ما لم يقدر عليه، من ذلك البصر، سبعة أملاك يذبون عنه، كما يذبّ عن قصعة العسل الذباب، ولو وكّل العبد إلى نفسه طرفة عين، لا لاختطفته الشياطين».
ثم نبّه الإنسان إلى مبدأ الخلق ليكون ذلك دليلا على إمكان المعاد، فقال:
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ} أي فعلى الإنسان أن يتفكر في كيفية بدء خلقه، ليعلم قدرة الله على ما هو دون ذلك من البعث، إنه خلق من ماء مدفوق مصبوب في الرحم، وهو ماء الرجل وماء المرأة، وقد جعلا ماء واحدا لامتزاجهما، وإنه ماء يخرج من ظهر الرجل في النخاع الشوكي الآتي من الدماغ، ومن بين ترائب المرأة، أي عظام صدرها أو موضع القلادة من الصدر، والولد يتكون من اجتماع الماءين، ثم يستقر الماء المختلط في الرحم، فيتكون الجنين بإرادة الله تعالى، كما قال تعالى:
{وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الحج ٥٠/ ٢٢].
ومعنى خروجه من بين الصلب والترائب: أن أكثره ينفصل من هذين الموضعين لإحاطتهما بسور البدن، والماء في الحقيقة يشترك في تكوينه جميع أجزاء البدن، ويتبلور في الخصية والمبيض في بدء التكوين، وكلاهما يجاور الكلى، ويقع بين الصلب، والترائب، أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع، وكل ذلك آثار عضوية مولدة من الدماغ، والنخاع قناة الدماغ، وهو في الصلب، وله شعب كثيرة نازلة إلى مقدم البدن، وهو الترائب جمع تريبة.
وبعد السؤال والجواب عنه لمعرفة المبدأ الذي هو مقدمة لمعرفة المعاد، والذي ناسب أن يبدأ الله به، ذكر تعالى النتيجة المترتبة على ذلك وهي بيان القدرة على الإعادة، فقال: