لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى} أي إن كل ما ذكر من فلاح من تزكى، وما بعده من تذكر اسم الله، وإيثار الناس للدنيا، ثابت في صحف إبراهيم العشر؛ وكذا صحف موسى العشر غير التوراة، فقد تتابعت كتب الله عز وجل أن الآخرة خير وأبقى من الدنيا.
والمراد أن ذلك مذكور بالمعنى لا باللفظ في صحف جميع الأنبياء التي منها صحف إبراهيم وموسى، فمعنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف، فهو في الأولى وفي آخر الشرائع، وتقدير الآية: إن هذا لفي الصحف الأولى التي منها صحف إبراهيم وموسى. وإنما خصت هذه الصحف بالذكر لشهرتها بين العرب. ونظير الآية قوله:{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}[الشعراء ١٩٦/ ٢٦].
أخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر رضي الله عنه:
«أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلا: كم أنزل الله من كتاب؟ فقال: مائة وأربعة كتب، منها على آدم عشر صحف، وعلى شيث خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحائف، وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان».
وجاء في صحف إبراهيم:«ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه».
روى الآجرّي وغيره من حديث أبي ذرّ المتقدم قال: قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالا كلّها: أيها الملك المتسلّط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم، فإني لا أردّها ولو كانت من فم كافر.
وكان فيها أمثال: وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، يفكر فيها في صنع الله عز وجل إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.