وقيل: الشفع يوم النحر لأنه عاشر الأيام، والوتر يوم عرفة لأنه تاسع الأيام، وقيل: الشفع: يوما التشريق الأول والثاني اللذان يجوز التعجل فيهما بالنفر من منى، والوتر: اليوم الثالث.
{وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} وقسما بالليل إذا جاء وأقبل ثم ذهب وأدبر، كقوله تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ}[المدثر ٣٣/ ٧٤]، وقوله:{وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ}، [التكوير ١٧/ ٨١] أي أقبل ظلامه، أو أدبر، فكما في إقبال الصبح من عظيم النفع، في الظلام نفع أيضا، حيث تهدأ النفوس، وتستريح من عناء العمل، ثم في ذهابه نفع أيضا حيث يستعان بالراحة التي ارتاحها الجسم للعمل في النهار، ومجابهة المتاعب والأعمال.
{هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي أليس في القسم بهذه الأشياء قسم مقنع لكل ذي عقل أو لبّ؟ والحجر: العقل، فمن كان ذا عقل ولبّ، علم أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء حقيق بأن يقسم به.
ثم ذكر الله تعالى بعض قصص الأمم السالفة للمثل والعبرة، فقال:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ} أي ألم تعلم أيها الإنسان المخاطب، كيف أهلك الله قبيلة عاد الأولى، وهم ولد عاد بن حوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وتلقب أيضا بإرم، فإرم: اسم آخر لعاد الأولى، كما قال تعالى:{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى}[النجم ٥٠/ ٥٣]، ويقال لمن بعدهم عاد الأخرى. ومساكنهم الأحقاف بلاد الرمال بين عمان وحضرموت، ونبيهم هود عليه السلام.
وقد كانوا أهل عمد وخيام عالية في الربيع، ثم يرجعون إلى منازلهم إذا هاج النبت، وكانوا طوال القامة، ذوي أجسام قوية شديدة، وأشد الناس في زمانهم خلقة، وأقواهم بطشا، ولم يوجد في البلاد كلها مدينة محكمة البنيان ذات