المتقي للكفر والمعاصي اتقاء بالغا، قال الواحدي كما مر: الأتقى أبو بكر الصديق في قول جميع المفسرين، أي إنها نزلت فيه، وإلا فحكمها عام.
وهذا الأتقى هو الذي ينفق ماله ويعطيه في وجوه الخير، طالبا أن يكون عند الله زكيا متطهرا نقيا من الذنوب، لا يريد بذلك رياء ولا سمعة، ولا مديحا وثناء من الناس.
روى الإمام أحمد والبخاري عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة: رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه».
وروى مسلم الحديث بلفظ آخر:«إن أهون أهل النار عذابا: من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل، ما يريد أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا».
وروى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل النار إلا شقي، قيل: ومن الشقي؟ قال: الذي لا يعمل بطاعة ولا يترك لله معصية».
وروى أحمد أيضا والبخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».
ثم ذكر صفة الإخلاص في العمل، فقال:
{وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى، وَلَسَوْفَ يَرْضى}» أي لا يتصدق بماله مقابل نعمة لأحد من الناس عليه، يكافئه عليها، وإنما يريد بذلك طلب رضوان الله ومثوبته، لا لمكافأة نعمة، وتالله لسوف يرضى بما نعطيه من الكرامة والجزاء العظيم.