ووجدك غافلا عن أحكام الشرائع حائرا في معرفة أصح العقائد، فهداك لذلك، كما قال تعالى:{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا} الآية [الشورى ٥٢/ ٤٢].
ووجدك فقيرا ذا عيال لا مال لك، فأغناك بربح التجارة في مال خديجة، وبما منحك الله من البركة والقناعة،
أخرج الشيخان في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس».
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه».
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى، وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} قال: كانت هذه منازل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يبعثه الله عز وجل.
ثم أمره ربه ببعض الأخلاق الاجتماعية وبشكره على هذه النعم، فقال:
١ - {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} أي كما كنت يتيما فآواك الله، فلا تستذل اليتيم وتهنه وتتسلط عليه بالظلم لضعفه، بل أدّه حقه، وأحسن إليه، وتلطف به، واذكر يتمك. لذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحسن إلى اليتيم ويبره ويوصي باليتامى خيرا.
٢ - {وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} أي وكما كنت ضالا، فهداك الله، فلا تنهر السائل المسترشد في العلم، وطلب المال، ولا تزجره، بل أجبه أورد عليه ردا جميلا.
٣ - {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي تحدث بنعمة ربك عليك، واشكر هذه النعمة وهي النبوة والقرآن، وما ذكر في الآيات، والتحدث بنعمة الله