والخلاصة: آية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ..}. عدة كريمة شاملة لما أعطاه الله عز وجل في الدنيا من كمال النفس وعلوم الأولين والآخرين، وظهور الأمر وإعلاء الدين بالفتوحات وانتشار الدعوة في المشارق والمغارب، ولما ادخر له عليه السلام في الآخرة من الكرامات التي لا يعلمها إلا هو عز وجل.
وورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص:«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ، فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم ٣٦/ ١٤] وقول عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة ١١٨/ ٥] فرفع يديه، وقال: اللهم أمتي أمتي، وبكى؛ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره صلّى الله عليه وسلّم بما قال، وهو أعلم؛ فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد، فقال: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك».
٣ - عدد الله تعالى نعمه ومننه على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، وذكر منها في السورة ثلاثا هي الإيواء بعد اليتم، والهدى بعد الغفلة، والإغناء بعد الفقر.
أما الإيواء فقد تكفله بعد موت أبيه وأمه جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب فكفله وآزره، ودفع عنه الأذى.
وأما الهدى فهو بيان القرآن والشرائع، فهداه الله إلى أحكام القرآن وشرائع الإسلام، بعد الجهل بها والغفلة عنها. وليس معنى الضلالة الكفر أو كونه على دين قومه؛ لأن الأنبياء معصومون عن ذلك. واتفق جمهور العلماء على أنه صلّى الله عليه وسلّم ما كفر بالله لحظة واحدة. وقالت المعتزلة: هذا غير جائز عقلا، لما فيه من التنفير.