الأذان أم في التشهد أم في الخطبة وغيرها، وأمرهم بالصلاة والسلام عليه، وأمر الله بطاعته، وجعل طاعته طاعة لله تعالى.
قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة، إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
وروى ابن جرير عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«أتاني جبريل، فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم، قال: إذا ذكرت ذكرت معي».
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سألت ربي مسألة، وددت أني لم أسأله، قلت: قد كان قبلي أنبياء، منهم من سخّرت له الريح، ومنهم من يحيي الموتى، قال: يا محمد، ألم أجدك يتيما فآويتك؟ قلت: بلى يا ربّ، قال: ألم أجدك ضالاّ فهديتك؟ قلت: بلى يا ربّ، قال:
ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أشرح لك صدرك، ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت: بلى يا رب».
وبعد التذكير بهذه النعم، ذكر الله تعالى أن ذلك جار على وفق سنته، من إيراد اليسر بعد العسر، فقال ردّا على المشركين الذين كانوا يعيرون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالفقر:
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} أي إن مع ذلك العسر المذكور سابقا يسرا، وإن مع الضيق فرجا، وقد أكّد تعالى ذلك في الجملة الثانية. وفي هذا بشارة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتسلية له أنه سيبدل حاله من فقر إلى غنى، ومن ضعف إلى عزة وقوة، ومن عداوة قومه إلى محبتهم. والأظهر أن المراد باليسرين: الجنس، ليكون وعدا عاما لجميع المكلفين في كل عصر، ويشمل يسر الدنيا ويسر الآخرة، ويسر العاجل والآجل.