٣ - {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} أي فليدع هذا الناهي أهل ناديه أي قومه وعشيرته، ليستنصر بهم ويعينوه، والنادي: المجلس الذي يجتمع فيه القوم أو الأهل والعشيرة، فإنه إن دعاهم لنصرته، تعرض لسخط ربه وعقابه الأشد، وسندعو له حينئذ الزبانية، أي الملائكة الغلاظ الشداد، ليأخذوه ويلقوه في نار جهنم. وفي هذا تحدّ بالغ.
روي أن أبا جهل قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟! فنزلت، كما تقدم.
وروى البخاري والترمذي والنسائي وابن جرير عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:«لئن فعل لأخذته الملائكة».
٤ - {كَلاّ، لا تُطِعْهُ، وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} أي إياك يا محمد أن تجامل هذا الطاغية في شيء، أو تطيعه فيما دعاك إليه من ترك الصلاة كما قال:{فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ}[القلم ٨/ ٦٨]، وصل لله غير مكترث به، ولا مبال بتهديده أو نهيه، وتقرب إلى الله سبحانه بالطاعة والعبادة، فذلك يكسبك قوة وعزة، ومنعة وهيبة في قلوب الأعداء، والعبادة هي الحصن والوقاية، وطريق النجاة والنجاح والنصر.
وقوله:{كَلاّ} ردع لأبي جهل عن قبائح أحواله وأفعاله. والمراد بنهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن طاعة أبي جهل: قطع كل الصلات والعلاقات معه، والمراد بالأمر بالسجود: أن يزداد غيظ الكافر.
وهذا تهكم بهذا الطاغية، واستخفاف به، وتعريض بأن الله سبحانه وتعالى عاصم نبيه وحافظه.