ليجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر، فيكون المراد بقوله:{لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ} ليروا جزاء أعمالهم وهو الجنة والنار، ولهذا قال:
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} أي فمن يعمل في الدنيا وزن نملة صغيرة أو هباء لا يرى إلا في ضوء الشمس، والمراد أي عمل مهما كان صغيرا، فإنه يجده يوم القيامة في كتابه، ويلقى جزاءه، فيفرح به، أو يراه بعينه معروضا عليه. وكذلك من يعمل في الدنيا أي شيء من الشر ولو كان حقيرا أو قليلا، يجد جزاءه يوم القيامة، فيسوؤه. والذرّ كما تقدم: ما يرى في شعاع الشمس من الهباء، أو هو النملة الصغيرة.
وفي صحيح البخاري عن عدي مرفوعا:«اتقوا النار ولو بشقّ تمرة، ولو بكلمة طيبة»
وفي الصحيح له أيضا:«لا تحقرنّ من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تلقى أخاك، ووجهك إليه منبسط»
وفي الصحيح أيضا:«يا معشر نساء المؤمنات لا تحقرنّ جارة لجارتها، ولو فرسن شاة» يعني ظلفها.
وفي الحديث الآخر الذي أخرجه أحمد والبخاري في التاريخ والنسائي عن حوّاء بنت السكن:«ردّوا السائل، ولو بظلف محرق».
وأخرج الإمام أحمد عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«يا عائشة استتري من النار، ولو بشق تمرة، فإنها تسدّ من الجائع مسدّها من الشبعان».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال: «كان أبو بكر يأكل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ