أما زيارة القبور، فمباحة بالآداب الشرعية، بأن يبدأ الزائر السلام على صاحب القبر عند رأسه، ثم يتجه إلى القبلة ويدعو الله عز وجل بالرحمة والمغفرة للميت ولنفسه وللمسلمين،
أخرج ابن ماجه عن ابن مسعود: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور، فإنها تزهّد في الدنيا، وتذكّر الآخرة» وهو صحيح،
وأخرج الحاكم في صحيحة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها ترقّ القلب، وتدمع العين، وتذكّر الآخرة، ولا تقولوا هجرا». وهذا دليل على أنها تمنع إذا كانت مصحوبة بمنكرات، كالاختلاط والفتن والنواح.
{كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي ردعا وزجرا لكم عن هذا التكاثر المقيت الذي يؤدي إلى التقاطع والتدابر والأحقاد والضغائن، وإهمال العمل للآخرة، وخير الأمة، وتصحيح السلوك والأخلاق. وستعلمون عاقبة ذلك يوم القيامة. قال الزمخشري:{كَلاّ} ردع وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن تكون الدنيا جميع همه، ولا يهتم بدينه.
والجملة الثانية كررت للتأكيد والتغليظ والوعيد والزجر.
{كَلاّ، لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} أي ارتدعوا عن هذا اللهو بالدنيا، فإنكم لو تعلمون الأمر الذي أنتم صائرون إليه علما يقينا، لانشغلتم عن التكاثر والتفاخر، ولبادرتم إلى صالح الأعمال، ولما ألهاكم التباهي عن أمر الآخرة العظيم والإعداد لها. وجواب {لَوْ} محذوف، أي لو علمتم لما ألهاكم.
وهذا زيادة في الزجر واللوم عن الانهماك في الدنيا، والاغترار بمظاهر الحياة الفارغة الزائلة. وليس الكلام مجرد وعظ، وإنما الخطر الداهم يقتضي عمق التأمل والتفكر في مستقبل الآخرة، وذلك لا يتوافر عادة بغير إيمان قوي، وقلب واع سليم. وتكرار لفظ {كَلاّ} المفيدة للزجر، للدلالة على استحقاق ضرر آخر