للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتصرف الأحوال وتبدّلها، وما فيها من الدلالة على الصانع ووحدانيته وكمال قدرته ومزيد حكمته التي تظهر أحيانا بعد مرور الزمان.

والعصر في الحلف بالأيمان مختلف في تقديره عند الفقهاء، فقال مالك: من حلف ألا يكلم رجلا عصرا، يحمل على السنة؛ لأنه أكثر ما قيل فيه، وذلك على أصله في تغليظ‍ المعنى في الأيمان.

وقال الشافعي: يبرّ بساعة، إلا أن تكون له نية، أو يفسره بما يحتمله، وذلك حملا على الأقل المتيقن المراد بالعصر.

٣ - حكم الله تعالى بالوعيد الشديد؛ لأنه حكم بالخسارة على جميع الناس إلا من كان آتيا بأشياء أربعة أو متصفا بصفات أربع، وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.

فدلّ ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور، وعناصر الإيمان ستة:

أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. والعمل الصالح: أداء الفرائض واجتناب المعاصي، وفعل الخير.

والتواصي بالحق: أن يوصي بعضهم بعضا بالأمر الثابت، ويحث بعضهم بعضا على توحيد الله، والعمل بالقرآن، والدعوة إلى الدين والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه. قال عمر رضي الله عنه:

رحم الله من أهدى إلي عيوبي.

والتواصي بالصبر: أن يوصي الناس بعضهم بعضا على طاعة الله عزّ وجلّ، والصبر عن معاصيه، والرضا بالقضاء والقدر في المصائب والمحن.

٤ - قال الإمام الرازي رحمه الله: دلت الآية على أن الحق ثقيل، وأن المحن تلازمه، فلذلك قرن به التواصي (١).


(١) تفسير الرازي: ٩٠/ ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>