{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك نهر الكوثر، فداوم على صلاتك المفروضة والنافلة، وأدّها خالصة لوجه ربك، وانحر ذبيحتك وأضحيتك وما هو نسك لك وهو الهدي (شاة أو بعير مقدّم للحرم) وغير ذلك من الذبائح لله تعالى وعلى اسم الله وحده لا شريك له، فإنه هو الذي تعهدك بالتربية وأسبغ عليك نعمه دون سواه، كما جاء في آية أخرى آمرا له:{قُلْ: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام ١٦٢/ ٦ - ١٦٣].
وهذا على نقيض فعل المشركين الذين كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغير الله، فأمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن تكون صلاته ونحره له، وهو أيضا نقيض فعل المنافقين المراءين.
وقال قتادة وعطاء وعكرمة: المراد صلاة العيد، ونحر الأضحية.
قال ابن كثير: الصحيح أن المراد بالنحر ذبح المناسك، ولهذا
جاء ففي حديث البراء بن عازب عند البخاري ومسلم:«كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي العيد، ثم ينحر نسكه، ويقول: من صلّى صلاتنا، ونسك ونسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له» فقام أبو بردة بن نيار، فقال:
يا رسول الله، إني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم يشتهي فيه اللحم قال: شاتك شاة لحم، قال: فإن عندي عناقا هي أحب إلي من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك».
وقال ابن جرير في تفسير الآية: والصواب قول من قال: إن معنى ذلك:
فاجعل صلاتك كلها لربك، خالصا دون ما سواه، من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك، اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفاء له، وخصك به.