للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونه قد صار في بعض أمور الدنيا في حالة صداع خفيف، وهو معنى التخيل في الحديث، وقد يحدث تخيل في اليقظة كالمنام، ولم يؤثر في ملكاته العقلية على الإطلاق، كما لم يؤثر فيما يتعلق بالوحي والرسالة؛ لأن الله عصمه من أي سوء، أو اختلاط‍ فكري، أو اضطراب عصبي، كما قال تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ} [المائدة ٦٧/ ٥] (١).

٣ - خصص الله تعالى في إرشادنا وتعليمنا الاستعاذة من أصناف ثلاثة: هي أولا الليل إذا عظم ظلامه؛ لأن في الليل كما ذكر الرازي تخرج السباع من آجامها، والهوام من مكانها، ويهجم السارق والمكابر، ويقع الحريق، ويقل فيه الغوث، وينبعث أهل الشرّ على الفساد.

وثانيا-الساحرات اللائي ينفثن (ينفخن) في عقد الخيط‍ حين يرقين عليها، شبه النفخ كما يعمل من يرقي.

وثالثا-الحاسد الذي يحسد غيره، أي يتمنى زوال نعمة المحسود، وإن لم يصرّ للحاسد مثلها. وهذا مذموم، أما الغبطة أو المنافسة فهي مباحة؛ لأنها تمني مثل النعمة وإن لم تزل عن صاحبها؛

روي أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «المؤمن يغبط‍، والمنافق يحسد» (٢).

وفي الصحيحين: «لا حسد إلا في اثنتين» أي لا غبطة.

قال العلماء: الحاسد لا يضرّ إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشرّ بالمحسود، فيتبع مساوئه، ويطلب عثراته. والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل. والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون.

وقال العلماء أيضا: لا يضرّ السحر والعين والحسد ونحو ذلك بذاته، وإنما


(١) انظر تفسير الألوسي: ٢٨٣/ ٣٠
(٢) تفسير القرطبي: ٢٥٩/ ٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>