{فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}[النساء ٥٤/ ٤]، وهكذا يعطي النّبوة لمن يريد، كما قال تعالى:{اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ}[الأنعام ١٢٤/ ٦]، وقال:{اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ}[الإسراء ٢١/ ١٧].
وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء، وللعزّة والذلّة مظاهر وآثار، ولا يتوقف ذلك على الملك أو المال، فكم من ملك ذليل، وكم من غني مهين، وكم من فقير عزيز. ولا عبرة بكثرة عدد الأمة وقلّتها، فقد كان المشركون في مكة واليهود ومنافقو العرب في المدينة يغترون بكثرتهم على النّبي صلّى الله عليه وسلّم والفئة القليلة المؤمنة، ولكن ذلك لم يغن عنهم شيئا، كما قال تعالى:{يَقُولُونَ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}[المنافقون ٨/ ٦٣].
بقدرتك وحدك الخير كلّه، تتصرّف فيه بحسب مشيئتك، فكل ما كان أو يكون فيه الخير والنعمة إما لصاحبه أو للجماعة، إنك صاحب القدرة المطلقة على كل شيء، خير أو شرّ، فأنت المفوض إليك كل شيء، ونحن المتوكّلون عليك.
وذكر الخير، مع أنّ كلاّ من الخير والشّر بقدرته، لمناسبته للمقام، بتحويل النّبوة والملك من قوم إلى قوم ومن شخص إلى شخص.
والخير: شامل للنصر والغنيمة والعزّة والجاه والمال ونحو ذلك مما يرغب به الإنسان ويحرص عليه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
ومن مظاهر القدرة الإلهية وإبراز تمام الملك والعظمة إدخال الليل في النهار، زيادة ونقصا، فتأخذ من طول هذا، فتزيده في قصر هذا، فيعتدلان، ثم تأخذ من هذا في هذا، فيتفاوتان، ثم يعتدلان، وقد يطول التفاوت جدا في بعض البلاد والأوقات، وهكذا يتفاوت طول الليل والنهار وقصره بحسب فصول