ودلت الآية أيضا على أن الواجب على الإنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه وطلب التوفيق لهما، والهداية والصلاح والعفاف والرعاية، وأن يكونوا معينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه.
ألا ترى قول زكريا:{وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}[مريم ٦/ ١٩] وقال: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} وقال: {رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[الفرقان ٧٤/ ٢٥]، و
دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنس، فقال فيما رواه البخاري ومسلم:«اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه».
ومن مهام الملائكة البشارة، كما بشرت بيحيى عليه السلام، والأنبياء معصومون من الذنوب والمعاصي الكبيرة والصغيرة قبل النبوة وبعدها، وقد يعصمون ويمنعون عن الشهوات المباحة، كما حصل ليحيي عليه السلام أنه كان حصورا، ولعل هذا كان شرعه، فأما شرعنا فالنكاح. وكان يحيى أول من آمن بعيسى عليهما السلام وصدّقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين، ويقال بستة أشهر.
واستبعاد زكريا عليه السلام وتعجبه كان على وفق المعتاد أن حاله وحال امرأته لا يولد لمثلهما، لا أن ذلك ليس من مقدور الله. وقد طلب إتمام النعمة بأن يجعل له آية تكون دليلا على زيادة النعمة والكرامة.
وفي هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام، وذلك موجود في كثير من السنة، وآكد الإشارات:
ما حكم به النبي صلّى الله عليه وسلّم من أمر السوداء حين قال لها:«أين الله؟» فأشارت برأسها إلى السماء، فقال:«أعتقها فإنها مؤمنة» فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة الذي يحرز الدم والمال، وتستحق به الجنة، وينجى به من النار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك.
وهذا قول عامة الفقهاء، قال مالك: إن الأخرس إذا أشار بالطلاق إنه