بعيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم؛ لأنه يضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام.
ثم أبان الله تعالى بعض وجوه أخرى من إكرام عيسى عليه السلام، فقال:
وجاعل الذين آمنوا بأنه عبد الله ورسوله، وصدقوه في قوله، واتبعوا دينه فوق الذين كفروا أي أعلى منهم، وهي إما فوقية روحانية: وهي فضلهم عليهم في حسن الأخلاق، وكمال الآداب، والقرب من الحق، والبعد عن الباطل، وإما فوقية دنيوية وهي كونهم أصحاب السيادة عليهم، وليس ذلك أمرا مطردا دائما في كل وقت، مما يرجح كون الفوقية روحانية ومعنوية وأدبية.
هذه الفوقية في صحة العقيدة وسمو الآداب والأخلاق وقوة الحجة وعلو القدر تدوم لأهل الإيمان إلى يوم القيامة.
ثم مصيركم جميعا إلى يوم البعث، فأحكم بينكم فيما اختلفتم فيه من أمور الدين.
ثم بيّن الله جزاء المحق والمبطل: فأما الذين كفروا بعيسى وكذبوه وهم اليهود فلهم عذاب في الدنيا بذنوبهم بالإذلال والقتل والأسر وتسليط الأمم عليهم، وعذاب في الآخرة بنار جهنم، وما لهم في الآخرة من نصير ولا معين.
وأما الذين آمنوا بعيسى وصدقوا بنبوته وبما جاء به من عند الله، وعملوا صالحا بتنفيذ الأوامر وترك النواهي، فيعطيهم الله أجورهم كاملة غير منقوصة.
ثم أكد تعالى جزاء الكافرين فقال: والله لا يحب الظالمين أي يعاقبهم ويجازيهم بما يستحقون، أو لا يريد ظلم الظالمين.
هذه الأخبار عن عيسى نتلوها عليك يا محمد، وهي من الأدلة الواضحة الدالة على صدق نبوتك، وهي من القرآن الحكيم الذي يبين وجوه العبرة والحكمة