للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمرارا، والمحافظة عليه في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، وليس معناه النهي عن الموت حتى يسلموا، وإنما المطلوب هو التدين بالإسلام قبل مفاجأة الموت.

ثم أمر بالاعتصام بكتاب الله وعهده الذي عهد به إلى الناس، ونهى عن التفرق عنه أبدا، والتزام الألفة والاجتماع على طاعة الله والرسول. وحبل الله:

هو الإيمان والطاعة والعمل بالقرآن،

لقوله صلّى الله عليه وسلّم: فيما أخرجه الترمذي:

«القرآن: حبل الله المتين، ونوره المبين، لا تنقضي عجائبه، ولا تفنى غرائبه، ولا يخلق على كثرة الردّ، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به رشد، ومن اعتصم به، هدي إلى صراط‍ مستقيم».

ثم ذكّرهم بالنعمة العظمى التي أنعم بها على العرب وهي نعمة الوحدة والتجمع بعد التفرق، والألفة بعد العداوة والخصام، وقتل بعضهم بعضا، وتسلط‍ القوي على الضعيف، والأخوة الإيمانية: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات ١٠/ ٤٩] بعد الكفر والشرك، والإشراف على حافة النار والهلاك بسبب الشرك والوثنية، فصاروا سادة البشر وأساتذة العالم، وأنقذهم الله بالإسلام من الدمار والهلاك: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها} [إبراهيم ٣٤/ ١٤].

وقد كان بين العرب ومنهم الأوس والخزرج حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة، وضغائن وإحن، طال بسببها قتالهم واقتتالهم، فلما جاء الله بالإسلام، فدخل فيه من دخل، صاروا إخوانا متحابين بجلال الله متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال ٦٣/ ٨].

مثل هذا البيان الناصع الذي بيّنه لكم ربكم في هذه الآيات لما يضمره اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>