للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنوب، كما

قال صلّى الله عليه وسلّم: «القتل في سبيل الله يكفّر كل شيء إلا الدّين» (١) وهذا تنبيه على ما في معنى الدين من الحقوق الشخصية المتعلقة بالذمم، كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد وجراحة وغير ذلك من التّبعات، فإن كل هذا أولى ألا يغفر بالجهاد من الدّين، فإنه أشد، والقصاص في هذا كله بالحسنات والسيئات، حسبما وردت به السنة الثابتة، منها

حديث مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي: من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار».

وفي حديث صحيح آخر رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نفس المؤمن معلّقة ما كان عليه دين».

والدّين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة-والله أعلم-: هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤدّه، أو ادّانه في سرف، أو في سفه، ومات ولم يوفّه. وأما من ادّان في حق واجب لفاقة وعسر، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه عن الجنة إن شاء الله؛ لأن على السلطان فرضا أن يؤدّي عنه دينه، إما من جملة الصدقات، أو من سهم الغارمين، أو من الفيء الراجع على المسلمين،

قال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة: «من ترك دينا أو ضياعا (عيالا) فعلى الله ورسوله، ومن ترك مالا فلورثته».

٤ - الرزق في قوله تعالى: {عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} هو الرزق المعروف في العادات، وهو المعنى الحقيقي للفظ‍. ومن قال: هي حياة الذكر، قال:

يرزقون الثناء الجميل، وهو معنى مجازي.


(١) رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بلفظ‍ «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدّين».

<<  <  ج: ص:  >  >>