للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - قال السدي في آية {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ.}.: يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه، فيستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا. وقال قتادة وابن جريج والربيع وغيرهم: استبشارهم بأنهم يقولون:

إخواننا الذين تركنا خلفنا في الدنيا، يقاتلون في سبيل الله مع نبيهم، فيستشهدون فينالون من الكرامة مثل ما نحن فيه، فيسرّون ويفرحون لهم بذلك.

٦ - الفضل في قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ.}. لزيادة البيان، والفضل داخل في النعمة، وفيه دليل على اتساعها، وأنها ليست كنعم الدنيا. وقيل: جاء الفضل بعد النعمة على وجه التأكيد.

روى الترمذي عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «للشهيد عند الله ست خصال (١): يغفر له في أول دفعة (٢)، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار: الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفّع في سبعين من أقاربه» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وما تضمنه الحديث تفسير للنعمة والفضل.

٧ - أشارت آية: {الَّذِينَ اسْتَجابُوا.}. إلى أن الصحابة الذين تابعوا القتال ومطاردة أبي سفيان وجماعته في «حمراء الأسد» لإرهاب العدو، وكان عددهم سبعين رجلا، استحقوا المديح والثناء من الله تعالى لسببين: إطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما ندبهم إليه من الخروج معه، وتحاملهم على أنفسهم بالرغم مما فيهم من جراح وآلام شديدة مبرّحة أصابتهم في وقعة أحد.


(١) كذا في الترمذي وابن ماجه: «ست» وهي في العدد: سبع، وفي حاشية السندي على ابن ماجه: قوله: ست خصال، المذكورات سبع إلا أن يجعل الإجازة والأمن من الفزع واحدة.
(٢) الدفعة بالضم مثل الدفقة: ما دفع من إناء أو سقاء، فانصب بمرة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>