للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هم أولو الأمر؟ ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بهم الحكام أو أمراء السرايا. وذهب آخرون إلى أنهم العلماء الذين يبينون للناس الأحكام الشرعية.

وذهب الشيعة الإمامية إلى أنهم الأئمة المعصومون.

والظاهر إرادة الجميع، فتجب طاعة الحكام والولاة في السياسة وقيادة الجيوش وإدارة البلاد، وتجب إطاعة العلماء في بيان أحكام الشرع، وتعليم الناس الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال ابن العربي: والصحيح عندي أنهم الأمراء والعلماء جميعا، أما الأمراء فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم.

وأما العلماء فلأن سؤالهم واجب متعين على الخلق، وجوابهم لازم، وامتثال فتواهم واجب (١).

ويرى الفخر الرازي أن المراد من أولي الأمر: أهل الحل والعقد، ليستدل بالآية على حجية الإجماع الصادر من العلماء.

فإن حدث تنازع واختلاف بينكم وبين أولي الأمر منكم في شيء من أمور الدين، ولم يوجد نص في القرآن ولا في السنة، يرد الأمر المتنازع فيه إلى القواعد العامة المقررة في القرآن والسنة، فيؤخذ بما يوافقهما، ويرد ما يخالفهما، وهذا ما يسمى في علم أصول الفقه بالقياس.

وقد أقر النبي صلّى الله عليه وسلّم العمل بالقياس، فحينما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن قاضيا قال له: كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنة نبي الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله وسنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو. قال: فضرب رسول الله على صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يرضي رسول الله (٢).


(١) أحكام القرآن: ٤٥٢/ ١
(٢) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن عدي والطبراني والدارمي والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>