ومن لعنه الله، أي أبعده وطرده من رحمته، واللعنة تلزم الغضب الإلهي، وهو يستلزم اللعنة؛ إذ هي منتهى المؤاخذة لمن غضب الله عليه.
وغضب عليه، أي غضبا لا يرضى عنه أبدا.
وجعل منهم القردة والخنازير غضبا منه عليهم وسخطا، فعجل لهم الخزي والنكال في الدنيا، وذلك مثل قوله تعالى المتقدم:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ، فَقُلْنا لَهُمْ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ}[البقرة ٦٥/ ٢] وقوله فيما يأتي: {فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ}[الأعراف ١٦٦/ ٧] والجمهور على أنهم مسخوا حقيقة، فكانوا قردة وخنازير وانقرضوا، والقردة:
أصحاب السبت، والخنازير: كفار مائدة عيسى، وروي أيضا أن المسخين كانا في أصحاب السبت؛ لأن شبابهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير.
والدليل على انقراضهم
ما رواه مسلم وغيره عن ابن مسعود قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القردة والخنازير، أهي مما مسخ الله؟ فقال:«إن الله لم يهلك قوما-أو قال: لم يمسخ قوما-فيجعل لهم نسلا ولا عقبا، وإن القردة والخنازير كانت قبل ذلك».
ونقل الطبري عن مجاهد وغيره في قوله:{كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} أي أذلة صاغرين (١).
وعبد الطاغوت، أي جعل منهم من صير الطاغوت معبودا من دون الله، والطاغوت: كل ما عبد من دون الله، كالأصنام والشيطان والعجل، فكانت عبادتهم للعجل مما زينه لهم الشيطان، فصارت عبادتهم له عبادة للشيطان.
أولئك المتصفون بما ذكر من المخازي والمعايب شر مكانا مما تظنون بنا؛ إذ لا مكان لهم في الآخرة إلا النار، وهم أضل عن قصد الطريق الوسط المعتدل وهو