روى الطبري عن قتادة قال في آية:{وَلَيَزِيدَنَّ.}.: حملهم حسد محمد صلّى الله عليه وسلّم والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبا عندهم (١). وكان من جزاء الله لهم على نكدهم ما قاله:{وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ.}. أي وألقينا بين فئات اليهود والنصارى العداوة والبغضاء، فكل فرقة منهم تخالف الأخرى كما قال تعالى:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى}[الحشر ١٤/ ٥٩] والتاريخ القديم والحديث يثبت ذلك بوقائع الحروب العنصرية والدينية والاستعمارية الكثيرة الوقوع. ولا يغترن أحد بتوافق اليهود في فلسطين، فذلك أمر وقتي.
وكلما هموا بالكيد للرسول والمؤمنين الصادقين وإثارة الفتن والحروب بين الأمم في الداخل والخارج، خذلهم الله، ورد كيدهم عليهم، فإما أن يخيب مسعاهم، أو ينصر المؤمنين عليهم.
وهم في مساعيهم يسعون في الأرض فسادا، أي من سجيتهم أنهم دائما يفسدون في الأرض ولا يصلحون، والله لا يحب من كانت هذه صفته، بل يبغضه ويعاقبه ويسخط عليه.
ثم فتح الله تعالى باب الأمل والتوبة أمامهم فقال:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا.}. أي لو أنهم آمنوا بالله ورسوله، واتقوا ما كانوا يتعاطونه من المآثم والمحارم، لكفرنا عنهم سيئاتهم التي اقترفوها، ولأدخلناهم جنات النعيم التي ينعمون بها، أي لأزلنا عنهم المحذور وأنلناهم المقصود.