وقال صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح عنه:«من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه» وهو رأي الشافعي وأحمد. وأوجب مالك وأبو حنيفة تنفيذ المحلوف عليه في حالة اليمين بالمشي إلى مكة، فمن حلف على ذلك فعليه أن يفي به.
والأيمان في مذهب الحنفية مبنية على العرف والعادة، لا على المقاصد والنّيّات، فمن حلف لا يأكل لحما، لا يحنث بأكل السّمك إلا إن نواه؛ لأنه لا يسمّى لحما عرفا. وفي مذهب المالكية والحنابلة: المعتبر هو النّيّة، وفي مذهب الشافعي: المعتبر صيغة اللفظ.
واتّفق الفقهاء على أن اليمين في الدعاوي تكون بحسب نيّة المستحلف؛
لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة:«اليمين على نيّة المستحلف».
وقال جمهور العلماء: إذا انعقدت اليمين حلّتها الكفارة أو الاستثناء، بشرط أن يكون متّصلا منطوقا به لفظا؛
لما روى النسائي وأبو داود عن ابن عمر أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من حلف فاستثنى، فإن شاء مضى، وإن شاء ترك عن غير حنث» فإن نواه من غير نطق أو قطعه من غير عذر لم ينفعه.
ولا خلاف أن الاستثناء إنما يرفع اليمين بالله تعالى؛ إذ هي رخصة من الله تعالى، واختلفوا في الاستثناء في اليمين بغير الله، فقال الشافعي وأبو حنيفة:
الاستثناء يقع في كلّ يمين كالطّلاق والعتاق وغير ذلك كاليمين بالله تعالى.
وأجاز جمهور الفقهاء تقديم الكفارة على الحنث؛
لما خرّجه أبو داود عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وإنّي والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا كفّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير» ولأن اليمين سبب الكفارة، لقوله تعالى: {ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا