حَلَفْتُمْ} فأضاف الكفارة إلى اليمين، والمعاني تضاف إلى أسبابها، وأيضا فإن الكفارة بدل عن البرّ فيجوز تقديمها قبل الحنث.
إلا أنّ الشافعي قال: تجزئ بالإطعام والعتق والكسوة، ولا تجزئ بالصّوم، لأن عمل البدن لا يقدم قبل وقته.
وقال الحنيفة: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث بوجه ما؛
لما رواه مسلم عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من حلف على يمين، ثم رأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير» زاد النسائي: «وليكفّر عن يمينه»، ولأن الكفارة إنما هي لرفع الإثم، وما لم يحنث لم يكن هناك ما يرفع، فلا معنى لفعلها قبل الحنث، ومعنى قوله تعالى:{إِذا حَلَفْتُمْ} أي إذا حلفتم وحنثتم، وأيضا فإن كل عبادة فعلت قبل وجوبها لم تصحّ، اعتبارا بالصّلوات وسائر العبادات.
ولا خلاف في أن كفارة اليمين على التخيير بالنسبة للموسر، والطعام أفضل للبدء به، وكان هو الأفضل في بلاد الحجاز لغلبة الحاجة إليه وعدم شبعهم.
ولا بدّ في رأي الجمهور من تمليك المساكين ما يخرج لهم من الطعام، ودفعه إليهم حتى يتملكوه ويتصرّفوا فيه؛ لأنه أحد نوعي الكفارة، فلم يجز فيها إلا التمليك، كالكسوة.
وقال الحنفية: لو غداهم وعشاهم جاز؛ لأن المقصود من الإطعام هو مجرد الإباحة لا التمليك، والإطعام لغة: هو التمكين من الأخذ، لا التمليك، ولأن المسكنة هي الحاجة، وهو محتاج إلى أكل الطعام دون تملكه.
ولا يجوز أن يطعم غنيّا ولا ذا رحم تلزمه نفقته، ويجزئ في رأي مالك الإطعام لقريب لا تلزمه نفقته، ولكنه مكروه.