قال القرطبي: وهذا كله لا حجة فيه. أما الحديث الأول فليس بالقوي، ولو صح لم يكن في نسخ أخذ السّلب ما يسقط ما صح من تحريم المدينة، فكم من محرّم ليس عليه عقوبة في الدنيا. وأما الحديث الثاني فيجوز أن يكون صيد في غير الحرم.
٧ - ذكر الله تعالى جزاء صيد الإحرام حال القتل العمد، والمتعمد: هو القاصد للشيء مع العلم بالإحرام، ولم يذكر المخطئ والناسي، والمخطئ: هو الذي يقصد شيئا فيصيب صيدا، والناسي: هو الذي يتعمد الصيد ولا يذكر إحرامه.
فاختلف العلماء في ذلك على خمسة أقوال: منها قول الجمهور: يجب الجزاء على قتل صيد الإحرام مطلقا، ذاكرا أم ناسيا، وقد ثبت وجوب الجزاء في العمد بالقرآن، وفي الخطأ والنسيان بالسنة أي بما ورد من الآثار عن عمر وابن عمر، ولأن الله تعالى أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد، ولا فرق بين أن يكون ذاكرا للإحرام أو ناسيا له،
ولأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الضّبع فقال:«هي صيد» وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا، ولم يقل عمدا ولا خطأ. وقوله:«متعمدا» خرج على الغالب، فألحق به النادر كأصول الشريعة.
وقال أحمد في رواية عنه والطبري: لا شيء على المخطي والناسي، عملا بالنص القرآني.
٨ - حالة العود أو التكرار: إن قتل المحرم في إحرامه شيئا من الصيد، ثم عاد إلى القتل مرة أخرى، فعليه في رأي الجمهور (مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم) الجزاء كلما قتل، لقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ..}. الآية.. فالنهي دائم مستمر عليه، ما دام محرما، فمتى قتله، فالجزاء لأجل ذلك لازم له.
٩ - دل قوله تعالى:{فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} على أن الواجب