للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - ما يأكله المحرم من الصيد البري: قال الجمهور: إنه لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له، ولا من أجله،

لما رواه الترمذي والنسائي والدارقطني عن جابر: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم» قال الترمذي: هذا أحسن حديث في الباب. فإن أكل من صيد صيد من أجله فداه.

وقال الحنفية: أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال سواء صيد من أجله أو لم يصد، لظاهر قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فحرّم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. واحتجوا بحديث البهزي وبحديث أبي قتادة المتقدمين.

وقال علي وابن عباس وابن عمر: لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال، سواء صيد من أجله أو لم يصد، لعموم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} قال ابن عباس: هي مبهمة، ولحديث الصعب بن جثّامة الليثي المتقدم. ووجه هذا الحديث في رأي الجمهور: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ظن أن هذا إنما صاده من أجله، فرده لذلك، فأما إذا لم يقصده بالاصطياد فإنه يجوز له الأكل منه لحديث أبي قتادة السابق ذكره (١).

٢٣ - إذا أحرم شخص وبيده صيد أو في بيته عند أهله، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد: إن كان في يده فعليه إرساله، وإن كان في أهله فليس عليه إرساله. وقال الشافعي في أحد قوليه: سواء كان في يده أو في بيته ليس عليه أن يرسله. وجه القول بإرساله: قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} وهذا عام في الملك والتصرف كله.

ووجه القول بإمساكه: أنه معنى لا يمنع من ابتداء الإحرام، فلا يمنع من استدامة ملكه.


(١) تفسير ابن كثير: ١٠٣/ ٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>