له مع كفره، فالملك ملكك ولا اعتراض لأحد عليك، وأنت القوي القادر على الثواب والعقاب، الحكيم الذي لا تجازي إلا بحكمة وصواب.
وهنا تساؤل: كيف جاز لعيسى عليه السّلام أن يقول: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} والله لا يغفر الشرك؟ والجواب: أن المقصود من قوله تفويض الأمور كلها إلى الله، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه، وترك التّعرّض والاعتراض بالكليّة.
وأما قوله:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} فهو تقرير للواقع الذي دل عليه الدليل السمعي شرعا، وإن كان يجوز عقلا في رأي أهل السنة المغفرة للمسيء وتعذيب الطائع، بحسب الإرادة والمشيئة المطلقة. وأما المعتزلة فيقولون: إن العقاب حق الله على المذنب، وليس في إسقاطه مضرة على الله.
ودل كلام عيسى على أنه لا يتضمن شيئا من الشفاعة لأتباعه؛ لأن الشفاعة لا ينالها أحد يشرك بالله شيئا.
وختم الله تعالى السورة وهذا النقاش بقوله:{قالَ اللهُ: هذا يَوْمُ} أي إن هذا وهو يوم القيامة هو اليوم الذي ينفع فيه صدق الصادقين في إيمانهم وشهاداتهم وسائر أقوالهم وأفعالهم في الدنيا.
وجزاء الصادقين جنات تجري من تحتها الأنهار أي من تحت غرفها وأشجارها، خالدين وماكثين فيها أبدا، ثوابا من عند الله، وأنه راض عنهم رضا لا يغضب بعده أبدا، وهم راضون عن الجزاء الذي أثابهم به، ذلك الظفر هو الظفر العظيم الذي عظم خيره وكثر، وارتفعت منزلة صاحبه وشرف.
ثم ذكر تعالى ما يناسب دعوى النصارى أن عيسى إله، فأخبر تعالى أن