وإن أنساك الشيطان أيها المسلم النهي والمنع، فجلست مع الخائضين ناسيا، فلا تقعد بعد التذكر مع القوم الظالمين أنفسهم بالتكذيب والاستهزاء.
والخطاب للرسول وكل سامع مسلم.
ويجوز وقوع النسيان على النبي بغير وسوسة الشيطان؛ لقوله تعالى:
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ}[الكهف ٢٤/ ١٨] وقد وقع النسيان من آدم عليه السلام: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[طه ١١٥/ ٢٠] ومن موسى عليه السلام: {قالَ: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ}[الكهف ٧٣/ ١٨] وثبت في الكتب الستة أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم سها في الصلاة وقال: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكّروني».
أما في تبليغ الوحي والدين المنزل من الله، فإن الأنبياء معصومون عن نسيان شيء مما أمرهم الله بتبليغه من حلال أو حرام؛ لقوله تعالى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ}[القيامة ١٦/ ٧٥ - ١٩].
فإن تجنبوا مجالسة الخائضين، فلا يحاسبون على خوضهم، وبرئوا من عهدتهم، وتخلصوا من إثمهم. وقال آخرون (مجاهد والسدي وابن جريج): بل معناه: وإن جلسوا معهم، فليس عليهم من حسابهم من شيء، وزعموا أن هذا منسوخ بآية النساء المدنية وهي قوله:{إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}[١٤٠/ ٤].