للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة ٣/ ٥] (١).

وقال موسى حين أراد الذهاب إلى الطور لميقات ربه لأخيه هارون الأكبر منه سنا: كن خليفتي في القوم مدة غيابي، وأصلح أمر دينهم، ولا تتبع سبيل أهل الفساد والضلال، وهو يشمل مشاركتهم في أعمالهم الفاسدة. وهذا تنبيه وتذكير وتأكيد، وإلا فهارون عليه السلام نبي شريف كريم على الله.

وكان هارون وزيرا لموسى بسؤاله ربه: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه ٢٩/ ٢٠ - ٣٢]. وكانت الرياسة في بني إسرائيل لموسى عليه السلام.

ولما جاء موسى لميقات الله تعالى المحدد له للكلام مع ربه وإعطائه الشريعة، وكلمه ربه بلا واسطة كلاما سمعه من كل جهة وسمعه السبعون المختارون للميقات، رغب في الجمع بين فضيلتي الكلام والرؤية، فقال: أرني ذاتك المقدسة، وقوّني على النظر إليك، فقال الله له: لن تراني الآن ولا في المستقبل في الدنيا؛ إذ ليس لبشر القدرة على النظر إلى في الدنيا،

لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم: «حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه-أنواره- ما انتهى إليه بصره من خلقه».

ثم أبان له أنه لا يطيق الرؤية فقال مستدركا: ولكن انظر إلى الجبل، فإن ثبت مكانه عند التجلي الأعظم عليه، فسوف تراني. وإذا كان الجبل في قوته وثباته لم يستطع أن يثبت، فكيف أنت يا موسى؟ فلما تجلى ربه للجبل، وما تجلى منه إلا قدر الخنصر، جعله ترابا مدكوكا، وخرّ-سقط‍ -موسى مغشيا عليه.


(١) تفسير ابن كثير: ٢٤٣/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>