الساعة والرّجل يليط (١) حوضه، فلا يسقي فيه، ولتقومنّ الساعة، والرّجل قد رفع أكلته إلى فيه، فلا يطعمها».
{يَسْئَلُونَكَ} عن الساعة {كَأَنَّكَ حَفِيٌّ} مبالغ في السؤال عنها، ومهتم بشأن زمنها، وعالم بها. قل لهم: لست أعلمها، {إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ} الذي يعلم الغيب في السّموات والأرض. و {أَيّانَ} معناه الاستفهام عن زمان المجيء، بمعنى متى.
وتكرار هذا الجواب:{عِلْمُها عِنْدَ اللهِ} بعد تكرار السؤال مبالغة في التأكيد، بل ليس هذا تكريرا، ولكن أحد العلمين لوقوعها، وهو الجواب الأول عن سؤالهم عن وقت قيام الساعة، والآخر لكنهها، وهو الجواب الثاني عن سؤالهم عن كنه ثقل الساعة وشدّتها ومهابتها. فالسؤال الأوّل عن وقت قيام الساعة، والثاني عن مقدار شدّتها ومهابتها.
وعبّر هنا بلفظ الجلالة الله إشارة إلى استئثار الله بعلمها لذاته، كما عبّر هناك بلفظ ربي للتّنبيه على أنّ الساعة من شؤون ربوبيّته.
ونقل عن ابن عباس تفسير {حَفِيٌّ عَنْها} بأنه حفيّ ببرّهم وفرح بسؤالهم، وكأن بينك وبينهم مودّة، وكأنك صديق لهم؛ لأنهم قالوا: بيننا وبينك قرابة، فأسرّ إلينا بوقت الساعة.
{وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أنه العالم بها، وأنه المختصّ بالعلم بها، وسرّ إخفائها، أو سبب عدم معرفة الخلق وقتها المعيّن، وحكمة ذلك، وإنما يعلم ذلك القليلون، وهم المؤمنون بالقرآن وبما أخبر به النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان عن عمر رضي الله عنه حينما سأله جبريل عن الساعة، فقال:«ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» أي أنا وأنت سواء في جهل هذا الأمر. ولكن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم أخبر عن قرب
(١) يليط: يطلي حوضه أو حجارته بجصّ ونحوه ليمسك الماء.