نبيه صلّى الله عليه وآله وسلم. والمستفاد منها أنه ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي أسرى قبل الإثخان أي القتل والتخويف الشديد.
وهذه الآية إحدى موافقات الوحي لرأي عمر، وقد بلغت بضعا وثلاثين.
ولقد كان هذا الحكم مناسبا لبدء قيام الدولة الإسلامية، ولا شك أن لكل دولة في بداية تأسيسها أحكاما وظروفا وقتية، تستدعيها المصلحة واستكمال قيام الدولة، وهذا الحكم القتل المشروع للأسرى من الأعداء مجرمي الحرب، وليس التقتيل الداخلي للشعب بعد قيام الثورة مثلا.
ولم يكن فعل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلا اجتهادا واختيارا لأحد أمرين مشروعين: هما القتل وأخذ الفداء. فهو فعل لخلاف الأولى، وليس في ذلك مساس أصلا بعصمة الأنبياء عليهم السّلام كما فهم بعضهم؛ لأن المساس بالعصمة يحصل إذا خالف النبي نصا صريحا أو أمرا قائما، ولم يكن هناك نص أو أمر سابق بالقتل، بدليل مشاورة الصحابة، إذ لا يجوز له بحال ترك حكم النص، وطلب الحكم من مشاورة الصحابة.
وأما بكاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فيحتمل أن يكون بسبب الخطأ في الاجتهاد، وحسنات الأبرار سيئات المقرّبين، وقد أقدم على البكاء لأجل هذا المعنى، بسبب حرصه الشديد على الإصابة فيما ارتاه، وموافقة اجتهاده حكم الله في المسألة.
وعلى كل حال، فقد قتل بعض أسرى بدر وهم اثنان أو ثلاثة وهم: النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي، لكنه لم يحقق الإثخان في الأرض، وحاول بعض المستشرقين الطعن بذلك، فكيف لو قتل جميع الأسرى، وكان عددهم سبعين، فيهم العباس عم النبي وعقيل بن أبي طالب ابن عمه؟!
أسند الطبري وغيره أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال للناس: «إن شئتم أخذتم فداء