التعيين إلا بحديث أو إجماع. ثم قال: ولم يصح في ذلك خبر، بنقل الواحد، ولا بنقل الجماعة الذي يجب التسليم له.
الرابع-قال ابن عباس:«الكلمات التي ابتلى الله بهن إبراهيم فأتمهن: فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم، ومحاجة نمرود في الله، وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرقوه، والهجرة من وطنه حين أمر بالخروج عنهم، وما ابتلي به من ذبح ابنه حين أمر بذبحه» ويظهر أن هذا أصح الأقوال.
واختلف العلماء أيضا في تفسير الأمن على أربعة أقوال:
الأول-أنه أمن من عذاب الله تعالى، والمعنى أن من دخله معظّما له، وقصده محتسبا الأجر، سلم من العذاب، ويعضده
قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح:
«من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
الثاني-معناه: من دخله كان آمنا من التشفي والانتقام، كما كانت العرب تفعله فيمن أناب إليه، من تركها لحق يكون لها عليه.
الثالث-أنه أمن من حد يقام عليه، فلا يقتل به الكافر، ولا يقتص فيه من القاتل، ولا يقام الحد على المحصن والسارق، قاله أبو حنيفة وغيره.
الرابع-أنه أمن من القتال،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح:«إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلّط عليها رسوله والمؤمنين، ولم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار».
قال ابن العربي: والصحيح فيه القول الثاني، وهذا إخبار من الله تعالى عن منّته على عباده، حيث قرر في قلوب العرب تعظيم هذا البيت، وتأمين من لجأ إليه، إجابة لدعوة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، حين أنزل به أهله وولده، فتوقع عليهم الاستطالة، أي الاعتداء، فدعا أن يكون أمنا لهم، فاستجيب دعاؤه (١).