للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح من اتخاذ مقام إبراهيم مصلّى معناه: موضعا للصلاة المعهودة، كما بان في سبب نزول الآية السابق ذكره عن عمر رضي الله عنه، واتضح منه أربعة أمور: وهي أن ذلك الموضع هو المقام المراد في الآية، وأن المراد به الصلاة المتضمنة للركوع والسجود، لا مطلق الدعاء، وأن الصلاة عقب الطواف، وأن ركعتي الطواف مطلوبتان، وهما عند المالكية: واجبتان، فمن تركهما، فعليه دم.

وقال الجصاص الحنفي عن قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى} هو أمر ظاهره الإيجاب، والمراد بالآية فعل الصلاة بعد الطواف،

وقد روي أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قد صلاهما عند البيت. فدلت هذه الآية على وجوب صلاة الطواف، ودل فعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم لها تارة عند المقام، وتارة عند غيره على أن فعلها عنده ليس بواجب.

ويفهم من قوله تعالى: {لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ} عدم جواز تولية الظالم، أو الفاسق، ولا فرق بين القاضي وبين الخليفة في أن شرط‍ كل واحد منهما العدالة، وأن الفاسق لا يكون خليفة ولا يكون حاكما، كما لا تقبل شهادته ولا خبره لو روى خبرا عن النّبي عليه السّلام.

قال ابن خويز منداد: وكل من كان ظالما لم يكن نبيا ولا خليفة ولا حاكما ولا مفتيا، ولا إمام صلاة، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة، ولا تقبل شهادته في الأحكام، غير أنه لا يعزل بفسقه، حتى يعزله أهل الحل والعقد.

وقال أيضا: وأما أخذ الأرزاق (المخصصات المالية) من الأئمة الظلمة فله ثلاث أحوال: إن كان جميع ما في أيديهم مأخوذا على موجب الشريعة فجائز أخذه، وقد أخذت الصحابة والتابعون من يد الحجاج وغيره. وإن كان مختلطا

<<  <  ج: ص:  >  >>