للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يسلمه (١)، ولا يظلمه» قال ابن العربي: وهو الصحيح.

وقال الحنفية: يكره تنزيها نقل الزكاة من بلد إلى آخر إلا أن ينقلها إلى قرابته المحتاجين ليسد حاجتهم، أو إلى قوم هم أحوج إليها وأصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى طالب علم، أو إلى الزهاد، أو كانت معجلة قبل تمام الحول، فلا يكره نقلها. ولو نقلها لغير هذه الأحوال جاز؛ لأن المصرف مطلق الفقراء. والدليل قول معاذ لأهل اليمن: ايتوني بخميس (٢) أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير في الصدقة، فإنه أيسر عليكم، وأنفع للمهاجرين بالمدينة. وقد دلّ هذا الحديث على أمرين:

أحدهما-نقل الزكاة من اليمن إلى المدينة، فيتولى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قسمتها، ويعضد هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ} ولم يفرق بين فقير بلد وفقير آخر.

والثاني-أخذ القيمة في الزكاة. وهو رأي الحنفية؛ لأن المقصود من الزكاة سدّ حاجة الفقراء، وأي شيء سدّ حاجتهم جاز، وقال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً} ولم يخص شيئا من شيء.

ولم يجز الجمهور إخراج القيمة في شيء من الزكاة؛ لأن الحق لله تعالى، وقد علقه على ما نص عليه، فلا يجوز نقل ذلك إلى غيره، كالأضحية لما علقها على الأنعام، لم يجز نقلها إلى غيرها، وإنما يجب العلم بالمنصوص عليه.

والمعتبر عند الحنفية والشافعية والحنابلة في زكاة المال: المكان الذي فيه المال، والمعتبر في صدقة الفطر مكان وجود الصائم.


(١) أي لا يتركه مع من يؤذيه، بل يحميه. والحديث رواه أبو داود عن سويد بن حنظلة.
(٢) الخميس: لفظ‍ مشترك: وهو هنا الثوب طوله خمسة أذرع، وأول من عمله الخمس أحد ملوك اليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>