الثاني-قال الحنفية والمالكية: يعطون قدر عملهم من الأجرة؛ لأنهم عطّلوا أنفسهم لمصلحة الفقراء، فكانت كفايتهم وكفاية أعوانهم في مال الفقراء. وإذا استغرقت كفايتهم الزكاة، فلا يزيدهم الحنفية على النصف، ويعطون الوسط.
الثالث-يعطون من بيت المال، وهو قول ضعيف الدليل؛ فإن الله سبحانه أخبر بسهمهم في الزكاة، فكيف لا يعطونه؟ والذي يعطى للعامل هو بمثابة الأجرة على العمل، فيعطاها ولو كان غنيا، لذا فإنه يعطاها ولو كان هاشميا في رأي مالك والشافعي؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بعث علي بن أبي طالب مصدّقا، وبعثه عاملا إلى اليمن على الزكاة، وولّى جماعة من بني هاشم، وولى الخلفاء بعده كذلك، ولأن العامل أجير على عمل مباح، فوجب أن يستوي فيه الهاشمي وغيره كسائر الصناعات.
وقال أبو حنيفة: لا يعطى العامل الهاشمي؛ لأن سهمه جزء من الصدقة، وقد قال عليه الصلاة والسّلام فيما رواه مسلم عن المطّلب بن ربيعة:«إن الصدقة لا تحلّ لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس».
ودلّ قوله تعالى:{وَالْعامِلِينَ عَلَيْها} على أن كل ما كان من فروض الكفايات كالساعي والكاتب والقسّام والعاشر والعريف والحاسب وحافظ المال، يجوز للقائم به أخذ الأجرة عليه. ومن ذلك الإمامة، فإن الصلاة وإن كانت فرضا عينيا على كل واحد، فإن التفرغ للإمامة من فروض الكفايات، كما ذكر القرطبي
ودلّ هذا القول أيضا على أنه يجب على الإمام أن يبعث السعاة لأخذ الصدقة (الزكاة)؛ لأن بعض من يملك المال لا يعرف ما يجب عليه، وبعضهم قد يبخل،
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بعث عمر بن الخطاب