للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة فيه، وجمع المؤمنين على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والعمل على وحدة الإسلام، أولى وأحق من غيره بالصّلاة فيها أيها الرّسول.

والمراد به كما جاء في صحيح البخاري، وكما دلّ عليه السياق والقصة: مسجد قباء، لهذا جاء

في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «صلاة في مسجد قباء كعمرة».

لكن

روى أحمد ومسلم والنسائي أنّ النّبي صلى الله عليه وسلّم سئل عنه، فأجاب بأنه مسجده الذي في المدينة. ولا مانع من إرادة المسجدين؛ لأن كلاّ منهما قد بني على التّقوى، من أول يوم بدئ ببنائه.

الثاني-إن في هذا المسجد رجالا يحبّون أن يتطهّروا طهارة معنوية: وهي التّطهر عن الذّنوب والمعاصي، وطهارة حسية للثوب والبدن بالوضوء والاغتسال، وبالماء بعد الحجر في الاستنجاء، وهذا النوع الأخير هو قول أكثر المفسّرين، والأولى إرادة نوعي التّطهّر.

والله يحبّ المطّهّرين، أي المبالغين في الطّهارة الرّوحية المعنويّة والجسديّة البدنيّة، وهؤلاء هم الكمّل بين النّاس. قال البيضاوي: فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا من المعاصي والخصال المذمومة طلبا لمرضاة الله، وقيل: من الجنابة، فلا ينامون عليها. والله يحبّ المطهّرين: يرضى عنهم ويدنيهم من جنابه تعالى إدناء المحبّ حبيبه.

وقال في الكشّاف: محبّتهم للتّطهّر: أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه حرص المحبّ للشيء المشتهي له على إيثاره، ومحبة الله تعالى إياهم: أنه يرضى عنهم، ويحسن إليهم، كما يفعل المحبّ بمحبوبه (١).


(١) الكشّاف: ٥٨/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>