نصر الله موسى وأخاه هارون على ضعفهما، على فرعون الجبار وجنوده الأشداء، إذ كانت دولتهم أقوى دول العالم القديم.
٢ - إيمان اليأس لا ينفع؛ لأنه في وقت الإلجاء والاضطرار والإكراه وفقد عنصر الاختيار وزوال وقت التكليف، فلم يقبل الله إعلان فرعون الإيمان حينما أشرف على الغرق بمعان ثلاثة يؤكد بعضها بعضا.
قال الرازي: آمن فرعون ثلاث مرات، أولها قوله:{آمَنْتُ} وثانيها قوله: {لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ} وثالثها قوله: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فما السبب في عدم القبول، والله تعالى متعال عن أن يلحقه غيظ وحقد، حتى يقال: إنه لأجل ذلك الحقد لم يقبل منه هذا الإقرار؟ والجواب أنه إنما آمن عند نزول العذاب. والإيمان في هذا الوقت غير مقبول؛ لأن عند نزول العذاب يصير الحال وقت الإلجاء، وفي هذه الحال لا تكون التوبة مقبولة، ولهذا السبب قال تعالى:{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا}(١) ٣ - كان فرعون عاصيا كافرا عاتيا متكبرا مفسدا في الأرض بالضلال والإضلال، فاستحق التوبيخ والإنكار والتهكم عليه.
٤ - تمّ إنقاذ جثة فرعون من الغرق، واسمه منبتاح بن رمسيس ١٢٢٥ ق. م، وهي التي ما تزال موجودة في متحف الآثار المصرية بالقاهرة وشاهدتها بنفسي، وشاهدت فيها آثار ملوحة ماء البحر البيضاء على عظم الجبهة. ويعدّ هذا الإنقاذ عبرة وعظة لكل من يدعي الربوبية ويكفر بالله، فهو أحقر من أن يكون ربا؛ لأن الرب لا يموت. قال المفسرون: إنما نجّى الله بدن فرعون بعد الغرق؛ لأن قوما اعتقدوا فيه الألوهية، وزعموا أن مثله