لا يموت، فأراد الله أن يشاهده الناس على ذلك الذل والمهانة، ليتحققوا موته، ويعرفوا أن الذي كان بالأمس في نهاية الجلالة والعظمة قد آل أمره إلى الذل والهوان، فيكون عبرة للخلق، وزجرا لأهل الطغيان.
٥ - ذم الغفلة وعدم التفكر في أسباب الحوادث الجسام وعواقبها المؤثرة في التاريخ.
٦ - إن في قصة إغراق فرعون الطاغية عبرة لمكذبي النبي محمد صلى الله عليه وسلّم الذين يغترون بقوتهم وكثرتهم وثروتهم، فقد كان فرعون وقومه أكثر منهم عددا، وأشد قوة، وأوفر ثروة، وقد جعل الله تعالى سنته في المكذبين واحدة وهي التدمير والإهلاك، إما في الدنيا وإما في الآخرة، فالعاقل من المكذبين من يتدبر في الأمر، ويبادر إلى ساحة الرضا والإيمان، ليكون من أهل النجاة في الآخرة:
٧ - لقد أنعم الله على بني إسرائيل بالنعم الكثيرة الدينية والدنيوية، ومن أهمها إنقاذهم من طغيان فرعون، وأمانهم واستقرارهم في فلسطين في الماضي، ولكنهم لم يتعظوا ولم يعتبروا بها.
بل إنهم كفروا بهذه النعم، وكفروا برسالة عيسى ومحمد عليهما السلام، فأصبحوا مثل غيرهم ممن يستحق العذاب والطرد والإجلاء من ديار الإسلام.
والمقصود بذلك أحوال بني إسرائيل القدامى والمعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلّم؛ لأن المتأخرين راضون بفعل المتقدمين، وسائرون على نهجهم، وهذا جمع بين القولين السابقين.
ولم يختلفوا في شأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلّم وصدقه قبل بعثته، بل كانوا مجمعين على نبوته والإيمان به على وفق الأوصاف المذكورة في كتبهم، وإنما اختلفوا بعد بعثته حسدا وبغيا وحبا في بقاء المراكز الدينية، والزعامة السياسية، فكان اختلافهم